الخميس، 26 يناير 2012

مـن لامرئ شيـِّّقٍ هِيجَتْ صَبابـتُهُ..


من البحر البسيط


مـن لامرئ شيـِّّقٍ هِيجَتْ صَبابـتُهُ
ما إن أفـاقَ ولـن ترجـى إفاقَتـُه


مـن بعـد بُعد محبيهِ الألى شَحَـطوا
ما إن تُـرَجَّى من الذكرى سَلامتُـه


لـولا هوى آل ليلى ما كَلِفْتُ وما
أودَت بقلـبيَّ إذ بانُـوا صـبابتـُه


نفسـي فداءُ مُحياهـا الذي سَلَـبتْ
قلبـي وقد سَفَّهَتْ حِلمِي وضاءتُه


أيامَ لا أختشي صَـرْمَ الوِصَـال ولا
بينـًًا تَقَطـعُ أحشـائي حـرارتُـه


إذ تستبـيك بِغِربِيـبٍ وذي بَـرَدٍ
مثل المدامـة بـل أشهـى مُدامتُـه


إن يمنعنْك الأسَى طَعمَ المنـام فـلا
تجـزع فيُسْرٌ علـى المولى إزالتـُه


واعْتَمْ لرحلك مَهْـرِيًا إذا نصـبت
غِِبََّ السُّرَضى الأيْنُقُ ازْدَادت نشاطته


رحْبُ الذراعـين مـوارُ اليدينِ لـه
غِبَّّ السُّّرَى سَيْرُمَا تَبْدْوُ اسْتراحتـُه


له على الأيْن سـيْرُ الْيَرْفَئِيِّ إلى الـ
ـأُدْحِـيِّ مُسيـًا تُباريـهِ نَعامَتُـهُ


كيما تزُورَ أغَرَّ الوجـه أحْـوَرَ مـذ
عـامٍ وشهـرين ما حُمَّتْ[1] زِيارتُـهُ


يـرنو بـمكْحُولتيْ ظَبْيٍ أغَنَّ غدتْ
في ناضرِ الرَّوضِ تُزْجِيـه غَزَالتُــهُ


أسـنى من الكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ و جْنتُه
والصحوُ لـم تكُ تحكِيـهِ غَزَالَتُـهُ


مِلْءُ السِّوار أغرُّ الوجْنتـيْنِ كـأنْ
رِيـمٌ من الدُّر مـن تِبْرٍ قِـلادتُـهُ


فـي حُبه لامَنى الخْلُّ الْخَلِـيُّ ولـم
يُنْصِـف ولم تُجْدِ شيئا ما ملامتُـهُ


ولائِـمُ الْحِبِّ في حُبِّ الأحِـبَّةِ لـم
يُوصَفْ بِرِفْقٍ و مـا لِلْحِبَِ طاعَـتُهُ


إنْ لِيـمَ في حُبِّ طه الهاشِمِيِّ فــتًى
مَـن لامَـهُ لم تكنْ تُرْجى عَدَالَـتُهُ


سـلالةُ الغرِّ من فِهْرٍ وغُـرَّتُــها
طـه وقد فاز مَنْ طـه سُـلالَـتُهُ[2]


البدرُ والبحرُ خيُر الرُّسْلِ أصْلُهُــما
فالبـدرُ غُرَّتُـه و البَـحْرُ راحـتُهُ


أجْدى مِن الغيثِ إن أجْدَى وأجْرَأُ مِن
ليْـثٍ بخَفَّان[3] أضَرَّتْـهُ جراءَتُــهُ


يَعـودُ شِبْلَيْنِ فـي ملْـتَفِّ غَيْضَـتِهِ
مَشحُونَـةٌ مِنْ دخِيس ِالنَّحْضِ[4]غابَتُهُ


تخشَى ضوَارِي أُسُودِ الغَابِ صوْلتَـهُ
فاقتْ ضرَاوَةَ ضاريهـا ضـرَاوتُـهُ


إنْ أخّر الجْبُنُ عن حَرْبٍ فـوارِسَـها
تُقَـدِّمُ المصطفـى طـه شجاعتُـهُ


فوارسُ الحربِ مهماشانَ أوْجُهَهَا التْـ
ـتَقْطِيبُ زَانتْ مُحياهُ طـلاقتُـهُ


تَفليقُ هامِ العِدى فيها إذا استَعَـرَتْ
بالمشـرَفِـيِّ و بالهنْـدِي عـادتُـهُ


أعْظِـمْ بجهـلِ أبـي جَهْلٍ وتابِعِـهِ
ومـا إِضَـافةُ تَشريفٍ إضـافتُـهُ


إذْ جاءَ يَقْدُمُ للحربِ الجيَّـادَ ولـم
يُقْـدِمْهُ نحو الـرَّدى إلا جـهالتُـهُ


ومِـنْ شِقاوتِـهِ أنْ سَيْـفُه فُلِـقَتْ
بـه العِياذُ بِـربِّ العَـرْشِ هامتُـهُ


هذا اخْتِصَارٌ لما في الْكُتْبِ جاء وفـي
أخْبـارِهِ الخوضُ لم تُحمَـدْ إطالتُـهُ


مَـن يهدِه الله للإسْـلامِ فازَ ومَـن
لم يهْـدِه لم تَكـنْ تُرجى هِدايـتُهُ


فالكافِرُون ادَّعَـوا ربًا سِواهُ و مَـن
كالكافرِين لقَـدْ جَلتْ ضَـلالتُـهُ


فـما لحـوَّاءَ مـن أبْنـاءِ آدمَ قـد
ألقـتْ إليـه زِمامَ الفَـخرِ سادتُـهُ


وكيْفَ لا وهْوَ خيُر المـرسلين وقَـد
فاقـتْ سيادتَهم طُـرّا سِيـادتُـهُ


سمّـته فِهْــرٌ أمِيـنًا قبـل بَعْثَتِـهِ
لمـا تبـدتْ لهـا مـنهُ أمـانَتُـهُ


الفخـرُ حازتـه عـدنانٌ بـه ولـه
مـن فَخْر عدنانَ لاريبٌ خلاصـتُهُ


عَـلا الأعَاليَّ مِن فِهْـرٍ ولا عَـجَبٌ
نِـهايةُ الـرُّسل إجْـمالا بِدايـتُهُ


مِـن رَائِحِ المزْنِ أجْدَى راحـةً وإذا
ما المزنُ أخلَف لم تُخلِف غَمامتُـهُ


هـو المْعدُّ لأهْـوالِ القِيـامِ غـدًا
وهْوَ الشفيعُ الذي تُرجى شفاعـتُهُ


مـا احْتَاطَ شِعْر بفخرِ الهاشِمي ولـن
تُرجى بمعـشارِه يـومًا إحاطـتُهُ


إنـي و إن كنتُ ممن لم تكـنْ يَـدُهُ
فـي الشعْرِ طُولى ولن تُرجى بلاغتُهُ


لا أتـركنَّ مـديحَ الهاشِمِـيِّ لكـي
أكُونَ ممـن غـدًا تُرجـى سَعادتُـهُ


أعـوذ بالله من أمْرِ امرئ غلَبـتْ
على سَعادتِـه يـومـًا شـقاوتُـهُ


بضـاعـتِي مدحُ طه المصطفى وَحَرٍ
بالرِّبْـحِ من مـدحهُ طـهَ بضاعـتُهُ


خيْرُ الصِّحابِ وأتْقاهـا وأشجَعُـها
تحتَ العَجَـاجِ وأعْـلاها صحابتُـهُ


إني على ذَا الثَّنا أرْجُو الثَّـوابَ ومَن
أثْنى على المصطفـى حتْـمٌ إثابـتُهُ


عليه مـن ربه أزْكـى التَّحِيـةِ مـا
غَنَّتْ سُـحَيْرًا على أيْكٍ حمـامـتُهُ


*****


[1] - أي قدرت.
[2] ـ أي سليله
[3] - مأسدة قرب الكوفة.
[4] - النحض والدخيس: اللحم المكتنز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق